قوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم 7 ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم 8 وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم 9 إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون 10}
  فيسمى الجزاء سيئة توسعًا، كقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى: ٤٠] والعاصي يعده سيئة إذا وقع به، ولأنه يسوء ما فيه. وقيل: قهم أنواع العذاب، وسماه سيئة لما بَيَّنَّا.
  وقيل: وقهم أنواع المعاصي بالألطاف «وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ» عنه أي: مَنْ تَصْرِف عنه سوء عاقبة سيئاته، وقيل: من تصرف عنه السيئات بلطفك «يَوْمَئِذٍ» قيل: يوم القيامة «فَقَدْ رَحِمْتَهُ» أنعمت عليه «وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» أي: الظفر العظيم بالبغية.
  ثم عاد الكلام إلى من تقدم ذكرهم من الكفار، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ» يوم القيامة وهم في النار «لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ» أي: بغض الله إياكم أكبر من بغضكم أنفسكم. قيل: مقتوا أنفسهم حين عاينوا العذاب، فقيل لهم: مقت الله إياكم أكبر، عن قتادة، ومجاهد، والسدي، وابن زيد. وقيل: لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم، فنودي: «لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ»، عن الحسن. وقيل: الأتباع والمتبعون لما تخاصموا ولعن بعضهم بعضًا نودوا بأن مقت الله أكبر من مقت بعضكم بعضًا، كقوله: {فَسَلِّمُوْا عَلَى أَنفُسِكُم}[النور: ٦١] عن أبي علي.
  وقيل: لمقت الله إياكم وأنتم في الدنيا «إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ» أكبر من مقتكم أنفسكم عند حلول العذاب بكم.
  · الأحكام: تدل الآيات أن الملائكة مكلفون، وأن تكليف هَؤُلَاءِ يتعلق بالعرش، فمنهم من يحمله، ومنهم من يطوف به كما يطوف بالبيت.
  وتدل أنهم يشفعون للمؤمنين، ويستغفرون لهم، وفائدته بيان درجتهم، وزيادة درجة للمؤمن بشفاعتهم، أو جبر لنقص وقع في ثوابهم بسبب الصغائر.
  وتدل على أن الشفاعة للمؤمنين دون الفساق.
  وتدل على أن من أعظم النعمة مشاركة الأقربين له في النعم.