قوله تعالى: {اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب 17 وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع 18 يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور 19 والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير 20}
  «وَأَنذِرْهُمْ» أي: خَوِّفهم «يَوْمَ الْآزِفَةِ» أي: الدانية، قيل: هو يوم القيامة؛ لأن كلَّ آتٍ قريب، وقيل: يوم دُنُوِّ المجازاة، وقيل: هو اليوم الذي يقرب فيه الموت، وتبلغ الأرواح إلى الصدور والحناجر، عن أبي مسلم. «إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ» قيل: من الخوف والاضطراب زالت وشخصت عن صدورهم فتعلقت بحلوقهم، فلا هي تعود إلى أماكنها، ولا تخرج فيموتوا أو يستريحوا. وقيل: هو عند الموت وخروج أرواحهم، فهم كاظمون لها أي: القلوب والنفوس أي: ممسكها، عن أبي مسلم. وقيل: هو تشبيه وتَوَسُّعٌ، أي: لو زال القلب عن موضعه لخوف لزال ذلك اليوم. «كَاظِمِينَ» ساكتين على امتلائهم غيظًا وغمًّا «مَا لِلظَّالِمِينَ» يومئذ «مِنْ حَمِيمٍ» قريبا وصديق «وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ» أي: يجاب فيطاع، مجازٌ وتَوَسُّعٌ. وقيل: ليس لهم شفيع يدفع عنهم العذاب، عن أبي علي. وقيل: يرفع عنهم الموت، عن أبي مسلم. «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ» قيل: فيه تقديم وتأخير، أي: يعلم الأعين الخائنة، عن المؤرج. وقيل: الخائنة والخيانة بمعنى، أي: خيانة الأعين، وقيل: هو مسارقة النظر إلى المرأة، عن ابن عباس. وقيل: نظر الأعين إلى ما نهى الله تعالى عنه، عن مجاهد، وقتادة.
  «وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ» أي: يعلم سرائر الصدور «وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ» أي: يحكم بين عباده بالحق، وقيل: يخبر عباده بما يكون بعد الموت لهم، عن أبي مسلم. «وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ» أي: من دون الله. «لاَ يَقْضُونَ بِشَيءٍ» قيل: الأصنام لا يحكمون، ولا يخبرون؛ لأنها جماد «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» يسمع المسموعات، ويرى المرئيات.
  · الأحكام: يدل قوله تعالى: {تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ} على أنه يجازى كل أحد بفعله، ولا يؤخذ بذنب غيره.