التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون 187}

صفحة 779 - الجزء 1

  · القراءة: · القراءة الظاهرة «المساجد» على الجمع، وعن مجاهد «المسجد» على الواحد.

  · اللغة: الاعتكاف: العكوف، أصله اللزوم يقال: عكفت بالمكان إذا أقمت به ملازمًا له، ومنه: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} والاعتكاف: هو حبس النفس في المسجد على عبادة اللَّه تعالى بشرط العزم، وترك ما يبطله، فالاسم شرعي فيه معنى اللغة.

  والحد: أصله المنع، ومنه سمي البواب حدادًا، ومنه الإحداد، وحد الدار والحدود سمي بذلك؛ لأنه يمنع من ارتكاب ما يستحق به الحدّ.

  · النزول: قيل: إنها نزلت في ناس من الصحابة كانوا يعتكفون في المسجد، فإذا عرضت لأحدهم حاجة إلى أهله خرج وجامعها، ثم اغتسل وعاد إلى المسجد، فنهوا عن ذلك، فنزلت الآية، عن ابن عباس وقتادة ومقاتل وغيرهم.

  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى وقت تحريم المباشرة في الصوم أتبعه ببيان تحريمها في الاعتكاف كيلا يظن أن التحريم فيهما سواء، فقال تعالى: «وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ» أطلق النهي ليعلم تحريمه ليلاً ونهارًا، وقيل: المراد به الجماع، عن ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة وغيرهم. وقيل: الجماع وكل ما دونه من قُبلة ونحوها، عن ابن زيد ومالك بن أنس «وَأَنْتُمْ عَاكفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ» أي ملازمون للمسجد معتكفًا، والاعتكاف عبادة