التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون 187}

صفحة 780 - الجزء 1

  كانت معروفة عندهم، قلذلك أطلق، وبَيَّنَ اختصاصه بالمساجد، واختلفوا فقيل:

  تحريم الجماع لأجل الاعتكاف، وقيل: لأجل المسجد، والأول الوجه؛ لأنه لا يحل خارج المسجد إذا خرج لحاجة «تِلْكَ» يعني الأحكام التي تقدمت في الصوم والاعتكاف وغيرها «حُدُودُ اللَّه» قيل: شروطه، عن السدي. وقيل: فرائضه، عن شهر بن حوشب. وقيل معاصي اللَّه، عن الضحاك. وقيل: ما منع اللَّه منه، عن الزجاج.

  وقيل: حرمات اللَّه، عن الحسن. وقيل: حدوده الفاصلة بين الحرام والحلال «فَلاَ تَقْرَبُوهَا» قيل: فلا تأتوها. وقيل: لا تقربوها بالمخالفة «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّه آيَاتِهِ» حججه «لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» أي: لكي يتقوا المعاصي، ويتمسكوا بالطاعات؛ لأن بها يتم التقوى، وقيل: لتتقوا الجماع في الاعتكاف.

  · الأحكام: الآية تدل على تحريم الجماع في الاعتكاف ليلاً ونهارًا، ولا خلاف فيه، وإنما اختلفوا فيما دون الجماع من مباشرة وقُبلة، والفقهاء على أنه مباح إلا أن يُنزِل، فيبطل الاعتكاف، وحرمه مالك بن أنس.

  وتدل على أن الاعتكاف عبادة ليصح بيان حكمه والمنع عن المباشرة لأجله، ولا خلاف فيه، وإنما اختلفوا في شرائطه.

  وتدل على أن هذا الاسم شرعي؛ لأن أهل اللغة لم يعرفوا هذه الشرائط.

  وتدل على أنه يختص بالمساجد، ثم اختلفوا، فالذي عليه الفقهاء جوازه في سائر المساجد، وعن مالك أنه يختص بالجامع، وعن حذيفة أنه يختص بثلاثة مساجد، وقد يسقط خلافه، فأما النساء فتعتكف في مسجد بيتها عند أبي حنيفة، وقال الشافعي: لا يجوز.

  واختلفوا، فقيل: الصوم شرط، وهو قول أبي حنيفة ومالك بن أنس، وقال