التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب 34 الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار 35}

صفحة 6129 - الجزء 8

  · الإعراب: «مقتًا» نصب على التمييز.

  · المعنى: ثم زاد في الوعظ، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ» يعني: يوسف بن يعقوب «مِنْ قَبْلُ» أي: من قبل موسى، وقيل: من قبل المؤمن. وقيل: يجوز أن يكون فيهم من عُمِّر حتى لقي موسى، وكان لقي يوسف. وقيل: أتى آباءكم، وقيل: كان فرعون موسى هو فرعون يوسف عُمِّر إلى زمن موسى، عن وهب. وقيل: هو غيره، عن أكثر أهل العلم. «بِالْبَيَّنَّاتِ» بالحجج والمعجزات، قيل: شق القميص، ورؤيا الملك، وريح القميص، وصلاح بصر يعقوب، وإخباره أهل السجن بما يُفْعَلُ بهما، وبما يحمل إليهم «فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ» أي: مما دعاكم إليه من الدين «حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا» أي: لا يبعث الله رسولاً إلى دينه؛ بل يهمل الله الخلق عن الدعاء. وقيل: كانوا لا يقرون به، فلما هلك قالوا: كان يوسف رسولاً، ومات والله تعالى لا يبعث بعده رسولاً آخر. وقيل: قالوا تخلصنا منه، ولا يأتينا بعده رسول «كَذَلِكَ» الكاف للتشبيه، فتقتضي أمرًا تقدم من فعله حتى يشبه الآخر به، فقيل في ذلك: إنهم لما كذبوا الرسل خذلهم الله فضلوا، وتمادوا في الارتياب، كأنه يقول: هكذا يكون خذلان الله للكافرين حتى يزدادوا ضلالاً إلى ضلالهم، عن أبي مسلم. وإنما يفعل ذلك لأن في معلومه أنه ليس لهم لطف، ولو كان لَفَعَلَ بهم. فقيل: كذلك يعاقب الله كل كافر، ويضله عن طريق الجنة، عن أبي علي. وقد تقدم ذكر العقاب في قوله: {يَوْمِ الْأَحْزَابِ} و {يَوْمَ