التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال فرعون ياهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب 36 أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب 37 وقال الذي آمن ياقوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد 38 ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار 39 من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب 40}

صفحة 6132 - الجزء 8

  الذوات، كالضرب يوجب الألم، والكون يوجب التأليف، والعلة توجب الصفات كالحركة توجب كونه متحركًا، وغير ذلك مما قيل فيه.

  والاطلاع: هو الظهور على الشيء برؤيته من إشراف إلى انحدار، وقيل:

  الاطلاع والبلوغ بمعنى، ومنه: الطليعة.

  وصد: أعرض، وصد غيره: صرفه، واقع وغير واقع، يقال: صَدَّهُ يَصُدُّهُ صَدًّا، وأَصَدَّهُ يُصِدُّهُ إصدادًا من النظائر.

  والتباب: الهلاك بالانقطاع، ومنه: تَبًّا لهم، وقوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}⁣[المسد: ١] أي: خسر. من النظائر بانقطاع الرجاء، وأصله من الانقطاع، يقال: بَتَّ

  الحا كم الحُكْمَ أي: قطعه، وطلقها بَتَّةً، أي: قاطعة، وبت الحبل: انقطع.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما موه به فرعون عند الانقطاع عن الحجة، فقال سبحانه: «وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ» قيل: هو وزيره وصاحب أمره، «ابْنِ لِي صَرْحًا» قيل: قصرًا عاليًا، وأَمْرُهُ بالصرح لا يخلو من وجهين:

  أحدهما: أن يكون تمويهًا على العوام، وليس أنه يتمكن من صعود السماوات فيه إلى إله موسى.

  وثانيهما: أن يكون من جهله اعتقد أنه يقدر على بلوغ السماء، وفيه على كل حال أنواع من الجهل:

  منها: أن أحدًا من البشر لا يقدر على أن [يبني بناء يبلغ السماء ويصعد.

  والثاني: توهمه أن الإله يكون في السماء.