قوله تعالى: {وياقوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار 41 تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار 42 لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار 43 فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد 44 فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب 45 النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب 46}
  هذه العظات، وما قدمته من النصح يوم القيامة، يوم لا ينفع الذكر، وقيل: إذا أتاكم عذاب الله بالغرق، وقيل: عند النزع تذكرون، وقيل: إذا لم تقبلوا نصحي، فستذكرونه على وجه التحسّر والتندّم. «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إلى اللَّهِ» قيل: هو كلام موسى، وقيل: كلام مؤمن آل فرعون، وهو الصحيح، ومعناه: أَكِلُ أمري إلى الله، وأعتمد على لطفه ورحمته «إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ» أي: عالم بحالهم، يجازي كل أحد بما يستحقه، فهو على هذا وعيد، وقيل: يعلم أني محق فيما أَدعي، فهو على هذا إخبار على أن ما يقوله حق. «فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا» أي: منعه الله عن سوء ما دبروا في بابه، وحفظه منهم، وقيل: هموا بقتله، عن الحسن. والضمير في قوله: «فَوَقَاهُ» قيل: يعود على موسى، عن أبي علي. وقيل: على مؤمن آل فرعون، عن أكثر المفسرين. وقيل: نجا هو مع موسى، وكان قبطيًّا، عن قتادة، ولم ينج من قوم فرعون غيره، وقيل: هموا بأخذه وصلبه، فهرب إلى جبل، فبعث فرعون رجلين في طلبه، فوجدوه قائمًا يصلي وحوله الوحوش صفوف فخافا ورجعا هاربين. وقيل: مكرهم ما تقدم ذكره عن قوم فرعون، وهو قوله: {اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}. «وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ» قيل: حاق: نزل ووقع، وقيل: وجب: وآله: أتباعه، وقيل: مَنْ كان على دينه، عن الحسن. وذكر آله ولم يذكره؛ لأنهم أُهْلِكُوا بسببه فكيف به؟ «سُوءُ الْعَذَابِ» في الدنيا: الغرق، وفي الآخرة: النار «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيهَا» أي: آل فرعون «غُدُوًّا وَعَشِيًّا» وقيل: تعرض عليهم منازلهم من النار صباحًا ومساء، ويقال لهم: هذه منازلكم توبيخًا، فيتحسرون. ويُقال: عرض النار كناية عن العذاب، أي: يعذبون صباحًا ومساء إلى يوم القيامة، ثم يدخلون نار جهنم، وهذا هو الوجه. وقيل: قوله: «غُدُوًّا وَعَشِيًّا» عبارة عن الدوام، وهو أوجه. وقيل: يجوز أن يخصوا