قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب 53 هدى وذكرى لأولي الألباب 54 فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار 55 إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير 56 لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون 57 وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون 58 إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 59 وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين 60}
  · النزول: قيل: نزل قوله: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ} في اليهود، وكانوا يجادلون في القرآن حسدًا، عن ابن عباس.
  وقيل: كانوا يقولون: صاحبنا المسيح - يعني الدجال - يخرج في آخر الزمان، فيبلغ سلطانه البر والبحر، ويرد الملك إلينا، وتسير معه الأنهار، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.
  · المعنى: لما تقدم نصرة الرسل بين تفصيل ذلك، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ آتَينَا» أعطينا «مُوسَى الْهُدَى» يعني: الحجج والبينات «وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ» أي: التوراة «هُدًى» أي: دلالة، يعرفون بها معالم دينهم «وَذِكْرَى» مواعظ، وقيل: يذكرهم شرائع دينهم «لأوُلِي الألْبَابِ» قيل: لمن يستعمل عقله ويتفكر، وقيل: للعلماء، وقيل: للعقلاء المكلفين.
  ثم عاد الخطاب إلى النبي ÷ فقال: «فَاصْبِرْ» يا محمد فإنا ننصرك كما نصرنا موسى وإن آذاك قومك. وقيل: الخطاب للمؤمن. كأنه قيل: اصبر أيها السامع.
  وقيل: إنه خطاب لموسى على نسق الكلام «إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» أي: وعده لأوليائه بالنصر في الدنيا، والجنة في الآخرة، وقيل: وعده بإهلاك أعدائه وإظهار دينه «وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» قيل: صغيرة تقدمت منك، ولعظيم نعمه على الأنبياء كلفوا التوبة من الصغائر [فهي] تجب كلما ذكرها وإلا كان مُصِرًّا، عن أبي علي. وقيل: ذنبه أنه