قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب 53 هدى وذكرى لأولي الألباب 54 فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار 55 إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير 56 لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون 57 وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون 58 إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 59 وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين 60}
  حدث نفسه أن الظفر كان يفوته. وقيل: استعجل النصر قبل وقته. «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ» أي: نزهه بإضافة النعم إليه، وحسن الثناء عليه، ونفي التشبيه عنه، وتنزيهه عن الأفعال القبيحة، وقيل: نزه صفاته عن صفات المحدثين، وأفعاله عن صفات الظالمين. وقيل: صَلِّ بحمد ربك «بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ» من زوال الشمس إلى الليل، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. وقيل: هي كناية عن الصلوات الخمس، وقيل: بل هو كناية عن الدوام، وقيل: خص هذين الوقتين لأن العبد أقرب إلى أن يتفرغ للعبادة، وقيل: أراد صلاة الغداة والعصر. «إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ» قيل: جادلوا في إنكار البعث، وقيل: في نبوته، وقيل: في التوحيد، وقيل: هم اليهود، وقيل: المشركون «بِغَيرِ سُلْطَانٍ» حجة «أَتَاهُمْ» من جهة الله «إِنْ فِي صُدُورِهِمْ» أي: ما في قلوبهم، فكنى بالصدر عن القلب؛ لأنه موضعه، كما يقال: صدر للموضع الشريف. «إِلَّا كِبْرٌ» أي: يتكبرون عن قبول الحق، واتباع الرسل حسدًا وبغيًا «مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ» قيل: في صدروهم عظمة ما هم ببالغيها؛ لأنهم يصيرون إلى الذل والهوان، عن مجاهد. وقيل: في قلوبهم كِبْرٌ لحسدك على النبوة التي أكرمك اللَّه بها «مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ»؛ لأنه تعالى يرفع به من يشاء. وقيل: يريدون لك أمرًا كبيرًا من السوء ولا يبلغونه لدفاع الله عنك. وقيل: آمالاً كانوا يتمنونها نحو هجوم عساكر تغلب على الإسلام، وما هم ببالغيه؛ لأنه تعالى تكفل بنصره «فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ» أي: اعتصم به ليكفيك شرهم «إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ» لأقوال هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جادلوا بالباطل، «الْبَصِيرُ» بضمائرهم «لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ» يعني: خلق السماوات والأرض أعجب وأعظم من البعث، فإذ قدر على خلقهما وتسكينهما، وتعاقب الليل