قوله تعالى: {الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون 61 ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون 62 كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون 63 الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين 64 هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين 65}
  عن الثواب وطريق الجنة جزاء على إفكهم. وقيل: يؤفك: يهلك، أي: كذلك يهلك من كان قبلهم «بِآيَاتِ اللَّهِ» حججه يتكبرون.
  ثم زاد في الأدلة، فقال سبحانه: «. اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرضَ قَرَارًا» أي: مستقرًا تستقرون عليه، فخلق فيها السكون، ولولا ذلك لهوت «وَالسَّمَاءَ بِنَاءً» بناها كالسقف للأرض «وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ»؛ لأن صورة الإنسان أحسن الصور «وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ» فجعل كل طيب لذيذ رزقًا للناس، وما ينفر عنها طباعهم رزقًا للحيوانات، كالورق والحشيش ونحوه «ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ» أي: خالق هذه الأشياء هو خالقكم «فَتَبَارَكَ اللَّهُ» أي: جل بأنه الثابت الدائم لم يزل، ولا يزال «رَبُّ الْعَالَمِينَ، هُوَ الْحَيُّ» إنما تمدح به؛ لأنه الحي لم يزل، ولا يزال من غير حياة ولا فاعل، ولا ما يتعدى به، ولا بنية «لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ» أي: اعبدوه «مُخْلِصِينَ لَه الدِّينَ» أي: تخلصون له العبادة «الْحَمْدُ لِلَّهِ» أي: احمدوه على هذه النعم، قال الفراء: إنما هو خبر، وفيه إضمار، كأنه قيل: ادعوه واحمدوه، وقولوا «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ». وعن مجاهد، عن ابن عباس: (من قال لا إله إلا الله، فليقل على إثرها: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فذلك قوله: «فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ».
  · الأحكام: تدل الآيات على أنه الخالق لهذه الأشياء، ولا يقدر عليها غيره.
  وتدل أنه خلقها لمنافع العباد بها دينًا ودنيا، أما منافع الدنيا فظاهرة، وأما منافع الدين فمتى تفكروا فيها علموا أن لها صانعًا يستحق العبادة، فيدعوهم ذلك إلى عبادته وشكر نعمته.