التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين 66 هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون 67 هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون 68 ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون 69 الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون 70 إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون 71 في الحميم ثم في النار يسجرون 72}

صفحة 6151 - الجزء 8

  أي: أطفالاً، والطفل يراد به الواحد والجمع، قال الله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا}⁣[النور: ٣١]، «ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ» أي: حال القوة والكمال «ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ» أي: يموت قبل بلوغ الأشد، وقيل: قبل بلوغ الشيخوخة «وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى» أي: يبقيه ليبلغ وقتًا محدودًا لا يجاوزه. وقيل: الأجل المسمى: ما سمي له من الوقت فيموت عنده. وقيل: هو القرن الَّذِينَ تقوم عليهم القيامة، والأجل: القيامة، عن الحسن. «وَلَعَلَّكمْ تَعْقِلُونَ» قيل: لتعقلوا ذلك. وقيل: لتعلموا الآيات فتُدلوا بها على توحيده «هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا» أي: خلق وقدر «فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» قيل: يوجده من غير امتناع وتعذر، والقول مَثَلٌ، وقيل: يحدث هذا القول علامة للملائكة أنه يفصل أمرًا. «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ» أي: ينازعون في حججه بالباطل، قيل: الآيات التوحيد والعدل، وقيل: المعجزات الدالة على نبوته «أَنَّى يُصْرَفُونَ» أي: كيف ينصرفون عنها مع وضوحها «الَّذِينَ كذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسلنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» عاقبة أمرهم، ووبال فعلهم «إِذِ الْأغلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ» أي: يُجَرُّون «فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ» أي: توقد عليهم النار، وقيل: يصيرون وقود النار، عن مجاهد. وقيل: يطرحون في النار كما يطرح الحطب على النار، عن أبي علي.

  · الأحكام: تدل الآيات على وجوب اتباع الدلائل.

  وتدل على قبح الجدال بالباطل.

  ويدل قوله: {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} أنه أراد من الجميع أن يعلموه، خلاف قول الْمُجْبِرَة.