قوله تعالى: {ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون 73 من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعو من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين 74 ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون 75 ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين 76 فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون 77 ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون 78}
  ثم زاد في تسليته، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رسلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُم مَّنْ قَصَصْنَا عَلَيكَ» أخبارهم «وَمِنْهُم مَّنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيكَ» ما جرى عليهم من أممهم مثل ما يجري عليك، فصبروا حتى جاء وعد الله ولم يقدروا بأنفسهم على إتيان آية «وَمَا كَانَ لِرسُول أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ» بمعجزة وحجة لا يقدر عليها «إِلَّا بِإذْنِ اللَّهِ فَإذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ» قيل: لا يقدرون على استعجال العذاب، ولكن الله تعاليَ يقدر عليَها، و «أَمْرُ اللَّهِ»: قيل: الساعة، وقيل: عذابه في الدنيا والآخرة «قُضِيَ بِالْحَقِّ» أي: حكم لكل أحد بما يستحقه «وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ» أي: ظهر خسرانهم بحرمان الثواب ونزول العقاب.
  · الأحكام: يدل قوله: {كَذَلِكَ يُضِلُّ} أن الضلال بمعنى الهلاك؛ لأن في الآخرة لا يكون ضلال عن الدين.
  وتدل أن ذلك جزاء على أعمالهم.
  وتدل على أن المرح مذموم، وهو الفرح بالباطل بطرًا.
  ويدل قوله: {قُضِيَ بِالْحَقِّ} أن أمور الآخرة تجري على العدل، فتقدر تقدير الاستحقاق.
  وتدل على قبح التكبر.
  وتدل على أن في الرسل مَنْ لم يبلغنا خبره.
  وتدل على أن المرح فعلُهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.