التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين 9 وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين 10 ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين 11 فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم 12}

صفحة 6175 - الجزء 9

  والتعظيم، وأفصح في اللفظ، وأحسن في النظم، «فَقَضَاهُنَّ» أي: تممهن «سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ» وفي خبر مرفوع: «إن الله تعالى خلق الأرض يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال يوم الثلاثاء، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والعمران والخراب» قيل: أربعة أيام: «خلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة والجن» وقيل: إنما سميت الجمعة لاجتماع خلق السماء والأرض وما فيهما في ذلك الوقت، عن السدي.

  ومتى قيل: إذا قدر أن يخلقها [في] طرفة عين، فَلِمَ خلقها في هذه المدة؟

  قلنا: ليعتبر بها الملائكة، فإنه أبلغ في الدلالة، وقيل: بل لاعتبار العباد في الإخبار بذلك، وقيل: أراد أن يعلم الملائكة كيفية الترتيب والجمع والتفريق، وقيل: ليعلم عباده أن الأنَاةَ خير من العجلة.

  ومتى قيل: فما معنى إتيانهم؟

  قيل: أتت السماء بما فيها من النجوم، وأتت الأرض بما فيها من الأشجار والأنهار والثمار، عن ابن عباس.

  «وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا» قيل: إلى أهل كل سماء من الملائكة، «أَمْرَهَا»: ما تعبدهم به من أمره ونهيه، وقيل: خلق في السماء الشمس والقمر والنجوم والملائكة، عن قتادة، والسدي، وكان الوحي تكوين هذه الأشياء «وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ» قيل: بالنجوم «وَحِفْظًا» لها من استراق السمع من الشياطين «ذَلِكَ» أي: ما تقدم ذكره «تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ» أي القادر الذي لا يمتنع عليه شيء، فيفعل ما يشاء «الْعَلِيمِ» بجميع الأشياء يخلق بحسب المصلحة، وعلى أحسن نظام وترتيب.

  · الأحكام: يدل قوله: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ} أنه تعالى لم يخلق فيهم الكفر؛ إذ لو خلقه لم