قوله تعالى: {قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين 9 وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين 10 ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين 11 فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم 12}
  يكن للتعجب معنًى، ولقالوا: أنت الذي خلقت فينا الكفر، ومنعتنا عن الإيمان، ولولا ذلك لكنا مؤمنين.
  وتدل على أنه تعالى إنما يُعْرَفُ بأفعاله، وأن هذه الأفعال دالة عليه، وعلى صفاته، إما بنفسه ككونه قادرا عالمًا، أو بواسطة، ككونه حيًّا سميعًا بصيرًا.
  وتدل على أن العبادة تستحق بهذه النعم؛ لذلك ذم مَنْ عَبَدَ شيئا لا يقدر على شيء منها.
  ويدل قوله: {ذَلِكُمُ اللَّهُ} أن: خالق هذه الأشياء خالق العالمين.
  ومتى قيل: لِمَ أشار بقوله: «ذلك»، وهم ينكرونه؟
  قلنا: كانوا يقرون بالخالق، وقيل: ظهور هذه النعم والدلائل شاهدة على أنه المدبر، وقيل: هو على تقدير الحجة، تقديره: ذلكم الذي خلق هذه هو رب العالمين.
  ويدل قوله: {وَبَارَكَ فِيهَا} أن البركات في الْأَرْض، وهي أنواع الثمار والأشجار، وأنواع الجواهر المودعة فيها، وأنواع النعم مما لا يحصى كثرة.
  وتدل أنه قدر أقوات العباد حثًّا على الرضى، وتقليل الحرص؛ لأن الحرص لا يزيده إلا كدًّا وتعبًا.
  وتدل أنه خلق السماء والنجوم من دخان، فتدل على عظيم قدرته وعلمه.
  وتدل أن في كل سماء جماعة من المكلفين، وذلك يدل على ما نقوله أن الجماد لا يخلو من مكلف.
  وتدل أن السماء الدنيا مختصة بالنجوم دون الأفلاك، خلاف ما يقوله المنجمون.