التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود 13 إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون 14 فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون 15 فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون 16 وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون 17 ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون 18}

صفحة 6179 - الجزء 9

  · الإعراب: ترك إجراء «ثمود»؛ لأنه اسم قبيلة معرفة، ورفع لأجل (أما).

  · النزول: عن جابر بن عبد الله قال: قال الملأ من قريش: قد التبس علينا أمر محمد، فإن التمستم رجلاً عالمًا بالشعر والسحر والكهانة، فأتاه وكلمه، [ثم أتانا] ببيان من أمره، فقال عتبة بن ربيعة: لقد عَلِمْتُ ذلك وما يخفى عليَّ شيء، فأتاه فقال: يا محمد لِمَ تشتم آلهتنا، وتضلل آباءنا؟ فإن كان ذلك لرئاسة عقدنا لك، فكنت رأسًا لنا ما بقيت، وإن كان لامرأة زوجناك، وإن كان لمال جمعنا لك ما تستغني به، ورسول الله ÷ ساكت، فلما فرغ قال: «اسمع»، وتلا هذه السورة، فلمَّا بلغ إلى قوله: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ} الآية، أمسك عتبة على فيه، وناشده بالرحم، ورجع إلى قومه وأهله، ولم يخرج إلى قريش، فقال أبو جهل: قد صبأ عتبة، فقال: لا، ولكن سمعت كلامًا ليس هو بشعر، ولا كهانة، ولا سحر، فقرأ السورة إلى قوله: {صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ}، فأمسكت على فيه، وناشدته الرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدًا إذا قال شيئًا لم يكذب، فخفت أن ينزل بكم العذاب.

  · المعنى: ثم عقب دلائل التوحيد بذكر الوعد والوعيد، فقال سبحانه: «فَإِنْ أَعْرَضُوا» يعني أعرض هَؤُلَاءِ عنك وعما جئت به، ولم يؤمنوا «فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ» خوفتكم «صَاعِقَةً» أي: عقوبة «مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ».

  ومتى قيل: كيف خوفهم به، ولم ينزل في أمته؟

  قلنا: الإنذار بشرط الإصرار، ولم يصروا.