قوله تعالى: {ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون 19 حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون 20 وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون 21 وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون 22 وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين 23 فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين 24}
  تقوم، وأن الجوارح لا تشهد عليكم «فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ» يعني إن أمسكوا عن الاستغاثة لفرج ينتظرونه فلا يلحقهم ذلك، ويكون في النار مقامهم، عن أبي مسلم، وقيل: فيه محذوف، يعني إن يصبروا أو لا يصبروا فالنار مثوى لهم «وِإنْ يَسْتَعْتِبُوا» أي: يطلبوا أن يرضى الله عنهم «فَمَا هُمْ» بمرضى عنهم، والمعتب الذي قُبِلَ عتابه، وأجيب إلى ما سأل.
  · الأحكام: تدل الآيات على أن الجوارح تشهد وتنطق، ولا معنى للعدول عن الظاهر، مع أنه لا مانع منه.
  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم، لتصح الشهادة عليهم.
  وتدل أن القوم كانوا جاهلين بِاللَّهِ وصفاته، لولا ذلك لما ظنوا به هذا الظن، فتدل على أن المعارف مكتسبة.
  وتدل على أن الظن مذموم في باب التوحيد وأصول الدين.
  ومتى قيل: أليس روي في حسن الظن بِاللَّهِ؟
  قلنا: ذلك يبتنى على العلم، فإن من علمه رحيمًا كريمًا ظن لعلمه أنه يرحمه.
  وقيل: أراد بالظن العلم بما يقتضي حسن الظن، كما روي عن الحسن أن قومًا ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا، وليست لهم حسنة، يقول أحدهم: أُحْسِنُ الظن بالله. كَذَبَ، لو أحسن الظن به لأَحسَنَ العمل.