التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين 25 وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون 26 فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون 27 ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون 28 وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين 29}

صفحة 6188 - الجزء 9

  و {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا}⁣[الزخرف: ٣٦] أي: جعلناه مساويًا له بالتخلية، ومنه: القيض التمثيل.

  واللغو: ما لا معنى تحته من الكلام. واللغو: الطرح.

  والغلبة: العلو على الخصم وقهره، غَلَبَهُ يَغْلِبُهُ غلبًا.

  · الإعراب: (جَزَاءً) نصب على المصدر، أي: جزاهم الله بذلك جزاء.

  و (النَّارُ) رفع بمحذوف، أي: هو النار، وقيل: هو بدل من الجزاء الأول، وهو مرفوع.

  · النزول: قيل: كان بعض المشركين يوصي بعضهم فيقول: إذا رأيتم محمدًا يقرأ فعارضوه بالرجز والأشعار، فنزلت الآية، عن ابن عباس.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ حالهم، فقال سبحانه: «وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ» بالتخلية والتمكين، يعني لما كفروا، واستبدلوا بالأنبياء والمؤمنين شياطين الإنس والجن صاروا قرناء لهم، وأضافه إلى نفسه؛ لأنه كان عند تخليته، وهذا كمن ترك العلم واشتغل بالسرقة مع اللصوص، فيصير اللصوص بدلاً من العلماء له قرناء، وتقديره: خلينا بينهم وبين قرناء السوء امتحانًا فتبعوهم، قال الحسن: خلينا بينهم وبين الشياطين بما استوجبوا من الخِذْلان، وقيل: التقييض: إحواج البعض إلى البعض ليصير بعضهم قرين