قوله تعالى: {وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين 25 وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون 26 فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون 27 ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون 28 وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين 29}
  بعض، كما أحوج الغني إلى الفقير في أعماله، والفقير إلى الغني في ماله ونحو ذلك، فأحوج كل واحد إلى غيره ليتعاونوا على طاعته، فتركوا أمره، وتعاونوا على معصيته «قُرَنَاء» نظراء «فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَينَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ»، قيل: «ما بين أيديهم» من أمر الدنيا زينوه لهم حتى آثروه وعملوا لها «وَمَا خَلْفَهُمْ» من أمر الآخرة دعوهم إلى التكذيب به وإنكار البعث، عن الحسن، والسدي، وقيل: رغبوهم في الدنيا وزهدوهم في الآخرة، وقيل: زينوا لهم، وقيل أهل الفساد الذي في زمانهم، وفعل من كان قبلهم، وقيل: ما بين أيديهم: ما عملوا، «وما خلفهم»: ما عرفوا أن يعملوه، وقيل: زينوا لهم ما ارتكبوا من المعاصي، وما خلفهم من أمر المعاد فكذبوا، عن أبي مسلم. وقيل: زينوا لهم إنكار البعث في الآخرة، وإنكار النبوة في الدنيا، وقيل: ما قدموا من أفعالهم السيئة حتى ارتكبوها، وما أسسوه لغيرهم من بعدهم، وقيل: أرادوا النعيم، أي: لم يدعوا وجهًا من المعاصي إلا صيرها إليهم «وَحَقَّ عَلَيهِمُ الْقَوْلُ» أي: وجب عليهم وعيده بالعذاب الذي أخبر أنه يعذب به من عصاه، وقيل: «حَقَّ» بمعنى المستحق للوعيد، عن أبي مسلم، كما حق على أمم مضوا، وقيل: «في أُمَمٍ» مع أمم، وقيل: صاروا في أمم أمثالهم كذبوا كتكذيبهم «قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم» أي: مضوا قبل هَؤُلَاءِ، وانقرضوا «مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ» خسروا الجنة ونعيمها، واستحقوا العقاب «وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» هذا عطف على ما تقدم من ذكر الكفار، يعني أولئك قالوا ما تقدم، وهَؤُلَاءِ قالوا هذا القول «لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ» لما عجزوا عن معارضته عدلوا إلى التواصي بترك استماعه، والإلغاء فيه عند قراءته «وَالْغَوْا فِيهِ» قيل: التخليط في القول، والمُكَاء والصفير، عن مجاهد، وقيل: الرجز والشعر، عن ابن عباس، وقيل: الضجيج والصياح، وقيل: أكثروا الكلام؛ لتخلطوا عليه ما يقرأ، عن الضحاك، وقيل: صيحوا في وجهه، عن السدي، وقيل: ارفعوا