قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون 30 نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون 31 نزلا من غفور رحيم 32 ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين 33 ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم 34 وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم 35}
  تحزنوا على ما مضى، ولا تخافوا فيما يستقبل، وقيل: لا تخافوا على ما تقدمون عليه من أمر الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفتم في دنياكم من أهل وولد، فإنا نخلفكم في ذلك، عن مجاهد. وقيل: لا تخافوا ولا تحزنوا على ذنوبكم فإني أغفرها لكم، عن عطاء بن أبي رباح، وقيل: لا تخافوا فسعيكم مشكور، ولا تحزنوا فذنبكم مغفور «وَأَبْشرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كنْتُمْ تُوعَدُونَ» على ألسنة الرسل وفي الكتب، وهذه البشرى تتضمن غاية الأماني «نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ» أي: وتقول الملائكة لهم، قيل: هم الحفظة، عن السدي، وقيل: ملائكة البشارة «نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ» قيل: كنا معكم في الدنيا، ولا نفارقكم حتى ندخلكم الجنة، عن مجاهد، وقيل: كنا نتولى حفظكم في الدنيا بأنواع المعونة، وفي الآخرة بأنواع الإكرام «وَلَكُمْ فِيهَا» في الجنة «مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكمْ» من أنواع النعم «وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ» تسألون وتريدون، وقيل: معناه: ما تَدَّعُون أنه لكم فهو لكم بحكم ربكم «نُزُلاً» أي: رزقًا «مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ» من الله الذي يغفر الذنوب، ويرحم بإدخال الجنة، وقيل: رحيم يقبل توبتكم ويترك معاصيكم، قال الحسن: أرادوا أن ذلك من الله ليس منا. «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ» أي: لا قول أحسن من قول من دعا إلى الله، إلى توحيد الله وعدله ببيان الأدلة وحل الشُّبَهِ، وقيل: إلى طاعته، وقيل: هذا الداعي هو النبي، ÷، عن ابن زيد، والسدي، وقيل: جميع الأئمة والدعاة إلى الحق، عن مقاتل، وجماعة من المفسرين، وقيل: هم المؤذنون، عن عائشة، وعكرمة. والصحيح أنه على العموم، وإنما كان أحسن الأقوال؛ لما فيه من منفعة المدعو.
  ومتى قيل: فَلِمَ لَمْ يشترط قبول المدعو؟
  قلنا: لأن قبوله فعله، فإذا لم يقبل فالداعي قد فعل ما عليه.
  «وَعَمِلَ صَالِحًا» صلى ركعتين بين الأذان والإقامة، عن أبي أمامة الباهلي، والأول الوجه؛ لأنه عام «وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ» قيل: من المنقادين يقول: أنا على دين محمد، وملة إبراهيم فيما أدعوكم إليه، ولست ممن يأمرون الناس بالبر وينسون