التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم 36 ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون 37 فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون 38 ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير 39 إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير 40}

صفحة 6199 - الجزء 9

  الظاهر أنه له ÷ «إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ» بوسوسته واستعاذتك «الْعَلِيمُ» بما في ضمير كل واحد «وَمِنْ آيَاتِهِ» أي: حججه الدالة على وحدانيته وربوبيته «اللَّيلُ وَالنَّهَارُ» أصلهما ومقدارهما، والزيادة والنقصان فيهما «وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ» إعادتهما وحركاتهما وسيرهما، وزيادة القمر ونقصانه، وأنها تكون مرة صاعدة، ومرة هابطة، ومرة طالعة، ومرة غاربة، وجميع ذلك من الدلالة على حدثها، وأن لها محدثًا مدبرًا «لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ» قيل: كان قوم من العرب يسجدون لهما فنهو عن ذلك، وقيل: هم المجوس والصابئون «لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ» قيل: إن كنتم تتقربون إلى الله بالسجود للشمس والقمر، فلا تسجدوا لهما، واسجدوا لمن خلقهما، وقيل: أراد إن كنتم تريدون عبادة من يستحق العبادة، فهو تنبيه على صرف العبادة إلى الله تعالى، كأنه قيل: إن كنتم تطلبون المعبود، وقيل: العبادة شكر المنعم، فيجب أن تكون للمنعم دون من لا يملك ضرًّا ولا نفعًا، وقيل: إن كنتم تقرون به، وترغبون في عبادته، عن أبي علي. «فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا» يعني تكبروا وأنفوا عن قبول الحق والسجود له تعالى «فَالَّذِينَ عنْدَ رَبِّكَ» يعني الملائكة، والمراد بقوله: «عِنْدَ رَبِّكَ» بالكرامة والمنزلة، يعني أنهم مع عظم حالهم لا يستكبرون عن عبادته، فهَؤُلَاءِ لماذا تكبروا لولا جهلهم؟ «يُسَبِّحُونَ لَهُ» أي: ينزهونه عما لا يليق به «بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ» يعني على الدوام، ولا يَدَعُونَ عبادته، «وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ» منها «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً» قيل: أراد أنها يابسة