التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم 36 ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون 37 فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون 38 ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير 39 إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير 40}

صفحة 6200 - الجزء 9

  متهشمة لا نبات فيها، عن قتادة، والسدي، وقيل: شبه الأرض بخلوها عن النبات بالرجل العاري لفقره يكون ذليلاً خاشعًا، ثم يحييها بالمطر، ويزيل خشوعها بالنبات، وهذا من فصيح الكنايات «فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ» يعني بالماء المطر، «اهتزت» أي: تحركت الأرض بالنبات، وقيل: فيه تقديم وتأخير في ربت واهتزت، «وربت» قيل: انتفخت، عن السدي، وأبي علي، إن الطين إذا أصابه الماء حصل فيه انتفاخ، وقيل: زادت يعني أخرجت النبات، ونمت واهتزت، والاهتزاز: التحرك للنشاط «إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى» يعني مَنْ قَدَرَ على إحياء الأرض بإخراج النبات قدر على إحياء الموات وإعادة الخلق «إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» يعني قادر، إلا أن في قدير مبالغة؛ لأنه قادر، أراد أنه لا يجوز عليه العجز «إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا» أي: يميلون عن الحق في حججنا، وفيه قولان:

  الأول: آيات القرآن، ثم اختلفوا في الإلحاد فيه، فقيل: تبديل الكلام من موضعه في غير موضع، عن ابن عباس.

  وقيل: بالمكاء، واللغو، والتصدية، عن مجاهد.

  وقيل: بالتكذيب، عن قتادة، وابن زيد، والسدي.

  وقيل: ترك محكمها، والتعلق بتشابهها، وتأويلها بخلاف الحق.

  والثاني: المراد آيات التوحيد والعدل انحرفوا عنها، ولا يستدلون بها.

  وقيل: الإلحاد فيها: الميل عنها إلى القول بالطبائع وقدم العالم ونحوها.

  «لاَ يَخْفَوْنَ عَلَينَا» يعني نعلمهم ونعلم أحوالهم فنجازيهم «أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ» هذا تهديد، أي: بينا الحق فَمَنْ عَمِلَ بالخير نجا، ومن عمل بالشر هلك «إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» عالم، فيجازيكم بما تستحقون.