قوله تعالى: {حم 1 عسق 2 كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم 3 له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم 4 تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم 5}
  قيل: كما أوحى إليك أوحى إلى مَنْ قبلك، وقيل: ما من نبي صاحب كتاب إلا وقد أوحي إليه (حم عسق)؛ فلذلك قال: «كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيكَ»، عن ابن عباس، وقيل: كل وحي نزل على نبي فإنما أنزل من جهة الله الذي يحق له العبادة «الْعَزِيزُ» القادر «الْحَكِيمُ» العالم المحكم لأفعاله «لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» خلقًا وملكًا «وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» العلي في صفاته لا يشاركه فيها أحد «العظيم» في أفعاله، فلا قبيح في فعله «تَكَادُ» تقرب «السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ» يتشققن، وقيل: كادت القيامة تقوم، وتتفطُّر السماوات، اختلفوا من أي شيء؟ قيل: من عظمة الله وجلاله، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك، وقيل: استعظامًا للكفر بالله والعصيان له مع حقوقه على عباده، وقيل: من عظيم قول المشركين: {اَتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}[الكهف: ٤] عن ابن عباس، والحسن، وهذا على طريق التمثيل، أي: لو كانت السماوات يتفطرن لشيء لانفطرن لهذا، «مِنْ فَوْقِهِنَّ» قيل: السماوات يتفطر بعضها فوق بعض، وكل واحد فوق الذي يليه، عن ابن عباس، وقيل: فوق الأرضين، وقيل: «مِنْ فَوْقِهِنَّ»، أي: من حيث هن؛ لأن مكانهن أعلى من مكان الأرض، «وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ» أي: هم مع جلالتهم ينزهون الله عن وصفه بما لا يليق به، وقيل: الملائكة الَّذِينَ اتخذهم الكفار آلهة ينزهون الله عن مقالتهم، ويتبرأون من شركهم، وقيل: هم ينزهونه عما يلزمكم تنزيهه عنه، وتسببيحهم «بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» أي: بإضافة النعم إليه، والثناء الحسن، {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} من المؤمنين الَّذِينَ يطابقونهم على تنزيهه، وقيل: للتائيين، كقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ} ثم قال: {لِلَّذِينَ تَابُوْا}[غافر: ٧] وقيل: يسألون تأخير العذاب عن الكافرين لعلهم يتوبون «أَلاَ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ» لذنوبهم بالتوبة «الرَّحِيمُ» لا يعاجلهم بالعقوبة.