قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين 190}
  أنها نزلت في صلح الحديبية، وأن صالح قريشًا على أن يرجع عامه، ويعاود عامًا قابلا، ويُخْلُوا له مكة، فيطوف بالبيت، ويفعل ما يشاء، ويرجع من فوره إلى المدينة، فلما كان عامًا قابلا خرج هو وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا ألا تفي لهم قريش ويقاتلوهم، فكره أصحابه القتال في الحرم، وفي الشهر الحرام، فأنزل اللَّه تعالى: «وَقَاتلوا فِي سَبِيل اللَّه» محرمين، وفي الحرم من يقاتلكم، يعني قريشًا.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أمر الجهاد وما فيه من التعبد، فقال تعالى: «وَقَاتلوا» يعني الكفار «فِي سَبِيلِ اللَّه» أي في دينه «الَّذِينَ يُقاتلونَكُمْ» قيل: المقاتلين دون النساء والصبيان، وقيل: أهل مكة. وقيل: من يقاتلكم «وَلاَ تَعتدُوا» قيل: لا تجاوزوا إلى قتل من لم تؤمروا بقتاله. وقيل: لا تعتدوا إلى قتل النساء والصبيان، وقيل: لا تعتدوا بالقتال على غير الدين. وقيل: لا تعتدوا إلى قتال من يجنح إلى السلم، عن أبي مسلم «إِنَّ اللَّه لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» أي لا يريد مدحهم وإثابتهم كما يريد ذلك للمؤمنين.
  · الأحكام: الآية تدل على وجوب القتال والجهاد، وأنها عبادة ولا خلاف فيه، ثم اختلفوا، فقيل: الآية منسوخة بقوله: {وَقاتلُوا الْمُشْرِكينَ كافَّة} عن الحسن وابن زيد وأبي علي. وقيل: محكمة، عن ابن عباس ومجاهد، وحملوه على أحد وجهين: إما أنه أراد ألّا يُقَاتَلَ النساء والصبيان، أو أراد قتال أهل مكة.
  وتدل على أن القتال يجب في الدين، فيدخل فيه الكفار والبغاة.