التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل 6 وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير 7 ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير 8 أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحي الموتى وهو على كل شيء قدير 9 وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب 10}

صفحة 6222 - الجزء 9

  وكذب بعضكم، فالخطاب للأمة، وقيل: الخطاب للنبي ÷، أي: إذا وقع بينكم وبين الكفار خلاف «فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ» قيل: بيان الصواب إليه، بنصب الأدلة، وقيل: يحكم للمحق بالثواب والمدح، وللمبطل بالعقاب والذم، وقيل: يحكم يوم القيامة، ويجازي كل أحد بما يستحقه، وقيل: أراد ما يستحق على ذلك من ثواب وعقاب «ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ» يعني الذي ينفذ حكمه هو اللَّه، وقيل: حاكِمْهُمْ إلى الله أي: إلى حُكْمِهِ، وقيل: هو ربي عليه توكلت، قيل: هذا وعيد لهم، يعني متى كذبوك فحاكمهم إلى الله، فإنه ينصف لك منهم «وَإِلَيْهِ أُنِيبُ» إلى حكمه المرجع، والإنابة: الرجوع.

  · الأحكام: يدل قوله: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} على أن جميع القرآن بلغة العرب، خلاف ما قاله بعض الحشوية.

  وتدل على حدوثه؛ لأن ما كان عربيًّا لا يكون قديمًا.

  ويدل قوله: {لِتُنْذِرَ} أن الغرض بالقرآن الإنذار.

  وتدل على وجوب التدبر فيه.

  وتدل على أنه يمكن معرفة المراد بظاهره أو بقرينة؛ ليصح أن يقع به الإنذار.

  ويدل قوله: {وفَريقٌ} على أن المكلفين على فريقين لا ثالث لهما.

  ويدل قوله: {وَالظَّالِمُونَ} على أنه] لا يكون لهم ناصر.

  وتدل أنه لا شفاعة لهم، وأنهم لا يدخلون الجنة، خلاف ما يقوله بعضهم.

  ويدل قوله: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ} أن الاختلاف في الديانات يصح، فيوجب كون المعارف مكتسبة.