قوله تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل 6 وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير 7 ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير 8 أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحي الموتى وهو على كل شيء قدير 9 وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب 10}
  الفريقين فرقة واحدة - بأن يخلقهم في الجنة - لفعل، ولكن اختار لهم أعلى الدرجتين، وهو استحقاق الثواب، وقيل: لو شاء أن يدخل الجميع الجنة لا يمتنع عليه «وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ» وهم المؤمنون «وَالظَّالِمُونَ» وهم العصاة «مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ» يتولى حفظهم، ولا ناصر ينصرهم، حتى ينجوا من عذاب الله، عن أبي مسلم، وقيل: لم يلجئهم إلى الدين؛ لكن كلفهم ليطيعوا، فيستحقوا الثواب، فإدخالهم في رحمته إدخال في التكليف الذي [يؤدي] إلى الدين؛ لكن كلفهم ليطيعوه، وهو سبب الرحمة، «والظالمون» من المكلفين ليس لهم «مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ»، عن أبي علي. «أَمِ اتَّخَذُوا» تعجيب من الله لعباده في اتخاذهم غيره إلهًا مع أنه الولي، فقال - سبحانه -: «هُوَ الْوَلِيُّ» قيل: يتولى منافع العباد ودفع المضار عنهم، وقيل: نصير: قريب منهم نُصرتُه.
  ومتى قيل: {أَمِ اتَّخَذُوا} يقتضي بناءه على ما تقدم؟
  قلنا: بلى، وتقديره: قد أعلمناهم أنهم إن اتخذوا من دونه آلهة، أولياء لم يملك أحد دفع العذاب عنهم، فهل صدقوا في هذا أم اتخذوا من دونه آلهة؟ وقد فعلوه والله تعالى مالك الأولياء، عن أبي مسلم.
  وقيل: {أَمِ اتَّخَذُوا} استفهام، والمراد الإنكار أي: لا تتخذوا من دونه أولياء، والله هو الولي، عن أبي علي.
  وقيل: تقديره: أفيؤمن هَؤُلَاءِ بالقرآن وبما جئت أم اتخذوا من دونه آلهة؟ فإن اتخذوا من دونه أولياء، فاتخذ الله أنت يا محمد وليًّا، فإنه الولي الذي يملك النفع والضر، كما يملك إحياء الموتى «وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
  «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ» من أمر الدين والكتاب والرسول، فصدق بعضكم