التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين 191}

صفحة 790 - الجزء 1

  والفتنة: أصلها الاختبار، ثم تنصرف على معانٍ، منها الابتلاء، ومنها العذاب، ومنها الصرف عن الدين، ومنها التخليص، والمراد ههنا قيل: الكفر، وقيل: العذاب، عن الكسائي.

  · الإعراب: «حيث»: مبني على الضم، وبني عليه بسبب الغاية كـ (قبلُ) و (بعدُ)، ويجوز فيه الفتح لأجل الياء كـ (أين) و (كيف)، ويجوز الكسر لالتقاء الساكنين، كـ (أمسِ).

  · النزول: روي أن بعض الصحابة كان قتل رجلاً من الكفار في الشهر الحرام فعابوا المسلمين بذلك، فأنزل اللَّه تعالى الآية مبينًا أن الفتنة في الدين أعظم من قتل بعض المشركين في الشهر الحرام وإن كان محظورا، عن أبي علي.

  · المعنى: ثم بين تعالى كيفية القتال فقال: «وَاقْتُلُوهُمْ» خطاب للمؤمنين، و (هم) كناية عن الكفار «حَيثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ» أي وجدتموهم «وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيثُ أَخْرَجُوكُمْ» يعني من مكة «وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ» قيل: شركهم، عن الحسن وقتادة وغيرهم. وقيل:

  عذابهم، عن الكسائي، يعني: كفرهم أعظم من القتال في الشهر الحرام «وَلاَ تَقْتُلُوهُمْ» أي بعضهم، وبالألف «وَلاَ تُقاتلوهُمْ» أي في الحرم حتى يبدؤوكم بالقتال «فَإِنْ قَاتلوكم» بدؤوكم به «فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ» يعني القتل.

  · الأحكام: الآية تدل على المنع من الابتداء بالقتال في الحرم، وأنهم إذا بدؤوا به جاز بعد