قوله تعالى: {فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم 192}
  ذلك، ثم اختلفوا فقيل: الآية منسوخة بقوله: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ» عن قتادة والربيع، وقيل: قوله: «وَاقْتُلُوهُمْ» منسوخ بقوله: «وَلاَ تُقاتلوهُمْ»، ثم هو منسوخ بقوله: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَة»، وقيل: غير منسوخ، ولا يجوز ابتداء القتال في الحرم، عن مجاهد وأكثر أهل التفسير، وعلى ما ترتب الكلام لا نسخ فيه؛ لأنه يدل على وجوب القتال مع الكفار حيث كانوا، وقد بَدَؤُوا بالقتال، وكان يجوز أن يظن أنه لحرمة الحرم لا يجوز أن يقاتلهم وإن بَدَؤُوا، فأزال الشبهة في ذلك، ثم بَيَّنَ غاية وجوب القتال، وهو ألا يكون كفر، فتدل على أن مشركي العرب لا تؤخذ منهم الجزية. واختلفوا في مشركي العجم فتؤخذ منهم الجزية عند أبي حنيفة، ولا تؤخذ عند الشافعي.
  وتدل الآية على حسن القتال؛ لأن قوله: «وَاقْتُلُوهُمْ» أمر بالقتال، وما قتله بالقتال، وقد يجب القتال، ويحرم القتل، فبين تعالى جواز كلا الأمرين.
  وتدل على وجوب إخراج الكفار من مكة بقوله: «حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ»، ووردت السنة بذلك في قوله: «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان».
قوله تعالى: {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ١٩٢}
  · اللغة: الانتهاء: الامتناع مما وقع النهي عنه، وأصله من النهي، نهى نهيًا وانتهى انتهاء، والنهي: الزجر عن الفعل بصيغة لا تفعل مع كراهيته لذلك الفعل.