التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم 21 ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير 22 ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور 23 أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور 24 وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون 25}

صفحة 6245 - الجزء 9

  يقولونه، عن أبي علي، وقيل: «يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ» أي: يمسك، عن أبي مسلم. «وَيَمْحُ اللهُ الْبَاطِلَ» قال الكسائي: وتقديره: والله يمحو الباطل، ولا حاجة إلى التقديم والتأخير، ومعنى يمحو: يزيله ويبطله «وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ» أي: يحققه ويبينه ويقويه، وكلماته: جميع ما أمر به في الكتب، وقيل: لو كذب على الله لبعث نبيًّا آخر؛ ليبين الباطل، ويحق الحق على يده «إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» من حَقٍّ أو باطل «وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ» لما تقدم الوعيد عقبه بذكر التوبة المزيلة للقنوط، ومعناه: أنه يقبل التوبة من كل أحد من كل ذنب، «وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ» المعاصي إذا تاب «وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ» من الطاعات والمعاصي، فيجزي بها.

  · الأحكام: يدل قوله: {تَرَى الظَّالِمِينَ} الآية، أن عذاب الظلمة واقع لا محالة، وأن عقابهم لا يزول بالعفو والشفاعة، فيبطل قول المرجئة.

  ويدل قوله: {رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} أن بقاع الجنان مختلف.

  ويدل قوله: {يُبَشِّرُ} أن البشارة لا تقع إلا بمجموع أمرين: الإيمان، والعمل الصالح، وذلك يدل على ما نقوله في الوعيد.

  ويدل قوله: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} أنَّه منزه عن طلب منفعة على أداء الرسالة، وإنما سألهم أن يودوه مودة للذي بينهم من القرابة.

  ويدل قوله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى} أن دعوة النبي لو كانت باطلة [لما بعثه] الله تعالى ولبيَّنه، ولما ظهر هذا الظهور، ولا يقال: إن كثيرًا من الأشياء لم يتبين