التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد 26 ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير 27 وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد 28 ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير 29 وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير 30 وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير 31}

صفحة 6248 - الجزء 9

  للمؤمنين، وقيل: هذا أولى؛ لأن الخبر فيما قبل وبعد عنه، يقبل التوبة، ويعفو عن السيئات، ويزيدهم من فضله.

  {وَالْكَافِرُونَ} ابتداء. و {لَهُم عَذَابٌ شَدِيدٌ} خبره.

  {خَبِيرٌ} رفع؛ لأنه خبر (إنَّ)، واسمها الهاء في {إِنَّهُ}.

  {خَلْقُ} رفع لأنه خبر لصفة تقديره: خلق السماوات من آياته.

  «وَمَا بَثَّ» محله رفع، تقديره: وبث الدواب من آياته.

  · النزول: قيل: قوله: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ} الآية نزلت في قوم من أهل الصُّفَّةِ، تمنوا الغنى وسعة الدنيا.

  وعن خباب بن الأرت: نزلت فينا هذه الآية، وذلك أنا نظرنا في أموال قريظة والنضير وبني قينقاع، فتمنيناها، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

  · المعنى: لما تقدم وعيد أهل العصيان عقبه بوعد المؤمنين على عادته تعالى بالجمع بين الوعد والوعيد ترغيبًا وترهيبًا، فقال - سبحانه -: «وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» فيه قولان:

  أولهما: أن الفعل لله تعالى، ثم اختلف هَؤُلَاءِ، فقيل: معناه يجيب الله دعاء المؤمنين، ويزيدهم من فضله، ولا يجيب دعاء الكافرين؛ لأن إجابة الدعاء ثواب، عن أبي علي. وقال أبو بكر: يجوز أن يجيب دعاءه استصلاحًا، وقيل: يجيب اللَّه الَّذِينَ آمنوا في دعاء بعضهم لبعض، عن معاذ بن جبل، وقيل: يستجيب أي: يقبل الله