التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام 32 إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور 33 أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير 34 ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص 35 فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون 36}

صفحة 6258 - الجزء 9

  · الإعراب: «يَظْلَلْنَ» جزم إلا أن نون جماعة النساء مفتوحة أبدًا؟ ولذلك قال: «وَيعْفُ» فجزم، وعلامة الجزم ذهاب الواو.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ أدلة أخرى، فقال - سبحانه -: «وَمِنْ آيَاتِهِ» أي: حججه الدالة على كمال قدرته وتوحيده، «الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ» يعني السفن، عن مجاهد، والسدي وغيرهما، ووجه الحجة فيها جَعْلُ الماء بحيث تجري فيه السفن، وجعل الريح على وجه تجريه، وجعل السفينة بحيث تجري ولا ترسب، وكل ذلك لا يقدر عليه غيره «كَالْأَعْلَامِ» قيل: كالجبال، يجريها بالرياح، عن مجاهد، والسدي. «إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ» قيل: فيه حذف، وتقديره: إن يشأ يسكن الريح يسكن الريح، وقيل: إن يشأ أن يسكن الريح سكنت، عن أبي علي. «فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ» يعني السفن وقوفًا، عن ابن عباس. «عَلَى ظَهْرِهِ» قيل: أراد في البحر، وذكر الظهر توسعًا، فيؤدي إلى هلاكهم، وقيل: على ظهر الماء «إِنَّ فِي ذَلِكَ» مما ذكر من أمر البحر والسفينة «لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ» والصبار: كثير الصبر، والشكور: كثير الشكر، وقيل: يصبر على ركوبها، ويشكر الله على جريها، والنجاة من البحر، وقيل: صبار على طاعة الله وعن معاصيه، شكور لله على نعمه، وقيل: الصبار: من كان عادته الصبر، والشكور: من كان عادته الشكر، عن أبي مسلم. «أَوْ يُوبِقْهُنَّ» يهلكهن يعني السفن بالغرق، عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي، يعني إما أن يحبس الريح فلا تجري السفن وتبقى وقوفًا، أو يهلكها بالغرق «بِمَا كَسَبُوا» أي: بما عملوا من المعاصي فيهلكهم عقوبة لهم «وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ» من معاصيهم فلا يهلكهم إمهالاً ورحمة.