التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون 37 والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون 38 والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون 39 وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين 40 ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل 41 إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم 42 ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور 43}

صفحة 6262 - الجزء 9

  · المعنى: لما تقدم ذكر المؤمنين وما أعد لهم، عقبه بذكر صفاتهم، فقال تعالى: «وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ» أي: يتباعدون ولا يفعلون «كَبَائِرَ الإِثْمِ» أي: عظائم الذنوب، وقيل: هو كل ما فيه وعيد، وليس بصحيح؛ لأن الوعيد يتناول الصغير والكبير، وبعض الكبائر معلومة دون كلها، فأما بعضها وكل الصغائر، فلا تعلم بعينها، وإنما يعلم أن ذنوب الأنبياء صغائر بعد وجودها، وقد بيَّنَّا مِن قبلُ ما قيل في الصغائر والكبائر، وأن الذي يقوله شيوخنا: أن كل ذنب كان عقابه أقل من ثواب فاعله فهو صغير، وكلما كان عقابه أكثر من ثواب فاعله فهو كبير؛ ولهذا قلنا: يجوز أن يكون ذنبًا صغيرًا من واحد، كيرًا من غيره، وإنما نقطع في ذنوب الأنبياء أنها صغائر لما دل الدليل أن الكبائر لا تجوز عليهم.

  ومن مشايخنا من يقول: الصغير ما وقع سهوًا ونسيانًا.

  ومتى قيل: لِمَ أضاف الكبائر إلى الإثم؟

  قلنا: لوجهين:

  أحدهما: لأن في الإثم صغيرًا وكبيرًا، عن أبي علي.

  وثانيهما: ما يكون الإثم كله كبائر، فيكون بمنزلة إضافة الصفة إلى