التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل 44 وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم 45 وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل 46 استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجإ يومئذ وما لكم من نكير 47}

صفحة 6267 - الجزء 9

  · اللغة: الذُّلُّ: نقيض العز، ونظيره: الهوان، ذَلَّ فهو ذليل.

  والملجأ: ما يُلْتَجَأُ إليه.

  · الإعراب: «خاشعين» نصبا على الحال، أي: في حال الخشوع.

  «أهليهم» نصب ب {خَسِرُوا}، إلا أن هذه الياء لا يدخلها الفتح.

  {مِن طَرْفٍ} قيل: (مِنْ) بمعنى الباء أي: بطرف خفي، عن يونس، وقال الأخفش: الطرف: العين، أي: من عين.

  {الَّذِينَ خَسِرُوا} الَّذِينَ في موضع رفع، على تقدير: هم الَّذِينَ خسروا، وقيل: خبر (إنَّ).

  · المعنى: لما تقدم ذكر العذاب بَيَّنَ أنه لا ملجأ منه يومئذ، فقال - سبحانه -: «وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ» قيل: يعذبه ويهلكه يوم القيامة لاستحقاقه ذلك، وقيل: يضله عن رحمته وجنته، عن أبي علي. «فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ» ناصر يمنع العذاب منه «مِنْ بَعْدِهِ» أي: سوى الله «وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ» أي: هل إلى رجعة إلى الدنيا طريق؛ لنتلافى ما فرطنا بالأعمال الصالحة «وَتَرَاهُمْ» يا محمد، وقيل: أيها السامع، أو أيها الإنسان «يُعْرَضُونَ» يعني الظالمين يعرضون «عَلَيهَا» أي: على النار «خَاشِعِينَ» أي: خاضعين متواضعين نادمين «مِنَ الذُّلِّ» والهوان «يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ» من عين «خَفِيٍّ» قيل: ذليل، عن ابن عباس، ومجاهد، وقيل: يسارقون النظر، عن الحسن، وقتادة، والسدي، والقرظي، وقيل: من عين لا تُفْتَحُ كلها،