التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حم 1 والكتاب المبين 2 إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون 3 وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم 4 أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين 5 وكم أرسلنا من نبي في الأولين 6 وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون 7 فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين 8 ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم 9 الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون 10}

صفحة 6278 - الجزء 9

  · القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وحمزة والكسائي: «إنْ كُنْتُمْ» بكسر الألف على الاستقبال، تقديره: إن كنتم قومًا مسرفين لا نضرب عنكم الذكر صفحًا، وقيل: (إنْ) بمعنى (إذ) كقوله: {مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}⁣[البقرة: ٢٧٨] وقرأ الباقون بفتح الألف على التعليل، أي لِأَنْ كنتم مسرفين.

  وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: «مَهْدًا» بغير ألف وفتح الميم. الباقون بالألف وكسر الميم، وهما لغتان يقال للأرض: مَهْدٌ ومِهَادٌ أي: بساط، يقال: مَهَدْتُ لنفسي، ومَهَّدْتُ بالتشديد والتخفيف، جعلت مكانًا وطيئًا سهلاً.

  · اللغة: البيان: هو الدلالة التي يظهر بها المعنى للنفس، وأصله من القطع، يقال: بانَ: فارق، وأبانَ: فصلٌ بين الشيء وغيره، وبانَ لك الشيء وأبانَ واستبان، وبَيَّنَ وتبيَّن بمعنى، واختلفوا في البيان، قيل: هو الدلالة التي بها يتبين الحق، عن أبي علي، وأبي هاشم، وقيل: هو العِلْمُ الحادث، عن أبي عبدالله، والأول الوجه، وقيل: هو ما يخرج الشيء عن حد الإشكال إلى حد التجلي.

  والصفح: الإعراض، صفحت عنه: أعرضت، والأصل فيه أن من أعرض عن صاحبه ولاه صفحة عنقه، وصرف عنه وجهه، يقال: صفح عني بوجهه، والصَّفُوحُ من أسماء الله تعالى: العفو عن الذنب، كأنه أعرض عن مجازاته تفضلاً، والصَّفُوحُ من نعت النساء التي تريك أحد جانبي وجهها، صدًا وإعراضًا.

  والإسراف: مجاوزة الحد في العصيان، والسَّرَفُ: ضد القصد.