التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حم 1 والكتاب المبين 2 إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون 3 وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم 4 أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين 5 وكم أرسلنا من نبي في الأولين 6 وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون 7 فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين 8 ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم 9 الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون 10}

صفحة 6279 - الجزء 9

  والبطش: الأخذ بشدة.

  · الإعراب: «والكتابِ» أي: ورَبِّ الكتاب، فكسر لأجل الإضافة، وقيل: للقسم، والواو فيه واو القسم.

  «كم» كلمة تكثير، و «صَفْحًا» مصدر أقيم مقام الفاعل، ونصب على الحال تقديره: أفنضرب عنكم بذكر آبائكم صافحين.

  «جعلناه» الكناية ترجع إلى الكتاب، ومحله نصب ب (جعلنا)، وكذلك «قُرْآنًا عَرَبِيًّا».

  ويقال: أين جواب القسم في قوله: «والكتابِ»؟

  قلنا: قيل: قوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}، عن الأخفش، وقيل: بل هو كلام مبتدأ، والجواب مضمر.

  · المعنى: {حم} قيل: قسم أقسم الله بالقرآن، وقيل: اسم للسورة، عن الحسن، وأبي علي، وقيل: إشارة إلى أنه مؤلف من هذه الحروف، فيكون محدثًا، عن أبي بكر الزبيري، وقيل: الحاء من حليم، والميم من ملِك «وَالْكِتَابِ» يعني القرآن، سمي به؛ لأنه يُكْتَبُ، «الْمُبِينِ» قيل: مبينٌ الحقَّ من الباطل، أي: فاصلٌ بينهما مُظْهِرٌ، وقيل: ما بانَ خيرُه وبركتُه، أي: ظهر، وقيل: أبان طريق الهدى والضلالة، وأبان كل ما يُحتاج إليه من أمور الدين «إِنَّا جَعَلْنَاهُ» أي: أحدثناه وأنزلناه «قُرآنا عَرَبِيًّا» أي: بلغة العرب، وقيل: سميناه ووصفناه بأنه عربي، والأول الوجه؛ لأنه