التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حم 1 والكتاب المبين 2 إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون 3 وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم 4 أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين 5 وكم أرسلنا من نبي في الأولين 6 وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون 7 فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين 8 ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم 9 الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون 10}

صفحة 6282 - الجزء 9

  حالهم كحال من تقدم «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ» يا محمد «مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ» أي: ابتدأها، وأنشأها، والكناية إلى من ترجع؟ اختلفوا فيه، قيل: لئن سألت الأنبياء الماضين أو لقيتهم، أو سألت من يدين بدينهم، أو تمسك بطريقتهم، أو سألت عن كتبهم، وقيل: لو سألت كفار قريش، عن ابن عباس؛ لأنهم كانوا يقزون باللَّه، وأنه خالق السماوات والأرض، وعبدوا جمع ذلك الأوثان متوسطة بينهم وبينه، «لَيَقُولُنَّ

  خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ» القادر على كل مقدور، «الْعَلِيمُ» بكل معلوم، يعني إذا أقروا بهذا لزمهم ألا يعبدوا سواه «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا» أي: فراشًا تستقرون عليها «وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا» في الأرض «سُبُلاً» أي: طرقًا إلى مقاصدكم «لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» قيل: لتهتدوا في أسفاركم إلى مقاصدكم، وقيل: لتهتدوا إلى الحق في الدين بالاعتبار الذي جعل لكم.

  · الأحكام: يدل قوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} على أشياء:

  منها: أن القرآن محدث؛ ليصح وصفه بالجَعْلِ.

  ومنها: أن كلامه دليل على مراده، ولا يُحتاج فيه إلى الإمام.

  ومنها: أن المعارف مكتسبة.

  ومنها: أنه شاء أن يُتفكر فيه.

  ومنها: أن مراده به أن يعقل معانيه، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ: إن مراده من بعضهم ألا يُفْعل ويكفر به.