التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون 11 والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون 12 لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين 13 وإنا إلى ربنا لمنقلبون 14 وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين 15}

صفحة 6287 - الجزء 9

  جزءًا من عباده، والكل عبيده، وقيل: الجزء اسم للبنات، يقال: لفلان جزء من العباد، أي: بنات، وأَجْزَأَتْ المرأة: ولدت البنات، قال الشاعر:

  إنْ أَجْزأَتْ حُرَّةٌ يومًا فلاَ عَجَبٌ ... قَدْ تُجْزِئُ الحُرَّةُ المِذْكَارُ أَحْيَانَا

  يعني إن ولدت أنثى، وليس هذا بالظاهر فلا يحمل عليه كلامه تعالى، «إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ» أي: جحود لنعمه، اعتاد ذلك «مُبِينٌ» أي: ظاهر الكفران.

  · الأحكام: تدل الآيات على أنه تعالى ينبت النبات عند إنزال المطر، وذلك مما أجرى الله به العادة، وإلا فهو قادر على إنباته من غير مطر.

  وتدل على أنه كما قدر على الإنبات يقدر على إخراج الأموات أحياء، فشبَّهَ به هذا، وقد بَيَّنَّا أن كل واحد منهما مقدور له خاصة، وقيل: وَجْهُ الشبه، كما يخرج النبات من الأرض يخرج الأموات من القبور، وقيل: كما يخرج الولد بسبب النطفة، والنبات بسب المطر، كذلك يعيد الخلق.

  وتدل على وجوب شكر المنعم بما هيأ لنا من المراكب في البر والبحر وتسخيرها مع عظم قوتها، ولولا تسخيره لما أطعناه، فيعلم عند ذلك أن مُسَخرًا سَخَّرَهُ، يجب علينا شكره.