قوله تعالى: {أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين 16 وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم 17 أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين 18 وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون 19 وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون 20 أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون 21}
  بالنون، وهو اختيار أبي حاتم، قال: لأن هذا مدح لهم، والخلق كلهم عباده، ولأنه يوافق قوله: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ}[الأعراف: ٢٠٦].
  وقرأ أبو عمرو وعاصم، حمزة والكسائي: «عِبَادُ الرَّحْمَنِ» بالباء والألف جمع عبد، وقيل: جمع عابد، كقائم وقيام، وصائم وصِيَام، ونائم ونيام، عن أبي مسلم، وجوز وجه الأول أيضًا، وهي قراءة ابن عباس، واختيار أبي عبيد؛ لأنه تعالى رد عليهم قولهم: [إنهم] بنات اللَّه، وأخبر أنهم عبيده، قال سعيد بن جبير:
  قلت لابن عباس: إن في مصحفي: «عند الرحمن» فقال: امحها، واكتبها: «عِبَادُ الرَّحْمَنِ»، ويؤيد هذه القراءة قوله: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء: ٢٦].
  قرأ أبو جعفر ونافع «آشْهِدُوا» بهمزة ممدودة والشين ساكنة، وروي عن نافع غير ممدودة على ما لم يُسَمَّ فاعله، أي: أحضروا خلقهم حين خلقوا من أشهدت. وقرأ الباقون: «أَشَهِدُوا» بفتح الألف والشين من «شهدت»، يعني: أَحَضَرُوا، أضاف الفعل إليهم.
  · اللغة: الكظم: إمساك على غيظ، يقال: كظيم ومكظوم، أي: مملوء غيظًا وكربًا.
  وأصل النشوء: الإحداث، الواحد ناشئ، ومنه: نشأ الله الخلق، أي: ابتدأهم، ومنه:
  أنشأ الشاعر، و {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} تَرَبَّى وتَرَشَّحَ، وأصله: من «نشأ» إذا ارتفع.
  والخصام: يكون جمعا، ويكون مصدرًا، وأصله من الخصومة، ويقال: للواحد وللاثنين وللجماعة وللذكر والأنثى: خصم، ونظيره: عَدْلٌ. والخصم مبالغة فيه، كالخطيب ونحوه.