قوله تعالى: {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين 194}
  · النزول: قيل: نزلت الآية في عمرة القضاء، وذلك أن رسول اللَّه ÷ خرج عام الحديبية للعمرة، فصده أهل مكة، ثم صالحوا على أن ينصرف، ويعود في العام القابل، فاعتمر فأنزل اللَّه تعالى: «الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ» يعني ذا القعدة - سمي به لقعودهم عن الحرب - الذي دخلتم مكة فيه، واعتمرتم في سنة سبع بالشهر الحرام: ذي القعدة في السنة التي صده المشركون فيها عن البيت وهو سنة ست، فقال الحسن وأبو علي والزجاج: إن مشركي قريش قالوا: يا محمد، نُهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟ قال: «نعم»، وأرادوا أن يقاتلوه فأنزل اللَّه تعالى الآية.
  يعني استحلوا منكم الشهر الحرام، فاستحلوا منهم.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى القتال في الشهر الحرام، فقال تعالى: «الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ»، وقيل: هذا الشهر الحرام الذي اعتمرتم فيه بالشهر الذي. صُددتم، وقيل:
  القتال في الشهر الحرام بالقتال في الشهر الحرام «وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ» في جمعه قولان، قيل: حرمة الشهر، وحرمة البلد، وحرمة الإحرام، وقيل: كل حرمة تستحل قصاصًا، قيل: دخوله المسجد محرمًا في سنة القضاء «قِصَاصٌ» لرده محرمًا في السنة الأولى، وقيل: قتالهم في الشهر الحرام قصاص لما تركوا من المحرمات «فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيكُمْ» أي ظلمكم «فَاعْتَدُوا عَلَيهِ» أي جازوه، والثاني ليس باعتداء، وإنما أتى به على مزاوجة الكلام، قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ} قال الشاعر: