التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين 194}

صفحة 796 - الجزء 1

  أَلا لاَ يَجْهلنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِليِنَا

  «بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيكُمْ» يعني مثله في مقدار الاستحقاق والجنس، وإن كان الأول جورا، والثاني عدلاً، كمن قَتَلَ قُتِلَ، والثاني عدل، والأول ظلم، إلا أنه مثله في الصفة والجنس والمقدار «وَاتَّقُوا اللَّهَ» في جميع ما أمركم به ونهاكم عنه «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ» بالنصرة لهم، أو نصرته معهم.

  · الأحكام: تدل الآية على جواز القتال في الشهر الحرام والبلد الحرام إذا بَدَؤُوا به، وقيل: إنها منسوخة بقوله: {وَقاتلُوا المُشركِينَ كافَّةً} والصحيح أن لا نسخ فيه؛ لأنه يجوز اجتماعه مع تلك الفريضة، ولا يقال: كيف أمر بالاعتداء وهو قبيح؛ لأنا بينا أن المراد به الجزاء.

  وتدل على أن من قطع يد إنسان، أو عضوا من أعضائه ففيه القصاص.

  وتدل على أن من غصب شيئًا وأتلفه يلزمه رد مثله، ثم المثل على وجهين: من طريق الصورة كذوات الأمثال، ومن طريق المعنى كالقِيم فيما لا مثل له.

  وتدل على جريان القصاص بين المسلم والذمي والحر والعبد خلاف ما يقوله الشافعي. قال القاضي: ويمكن أن يستدل به على جريان القصاص في الأطراف بين الحر والعبد على ما يقوله الشافعي، وهذا يبعد؛ لأنه تعالى أمر بذلك، واعتبر المماثلة، ولا مماثلة هناك بين طرف الذكر وطرف الأنثى، وكذلك الحر والعبد.

  واستدل بعضهم على أن من غصب ساحة وأدخلها في بنائه أنه يؤخذ، وذلك