قوله تعالى: {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون 33 ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون 34 وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين 35}
  «وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا» من فضة «وَسُرُرًا» من فضة «عَلَيهَا يَتَّكِئُونَ. وَزُخْرُفًا» قيل: هو الذهب، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، والضحاك. وقيل: الفرش ومتاع البيت، عن ابن زيد. وقيل: الزخرف: النقوش، عن الحسن. «وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» أي: لو جعل جميع ذلك لكان متاع الحياة الدنيا يتمتع بها قليلاً ثم يزول ويفنى، ولا يدوم نعيمها.
  ثم بين ما أعده لأوليائه، فقال تعالى: «وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ» أي: الثواب والجنة التي هي دائمة باقية لمن اتقى معاصي الله.
  · الأحكام: تدل الآيات أن الدنيا لا تُنالُ بالاستحقاق، وإنما هي قسمة على حسب الصلاح.
  وتدل على قولنا في اللطف؛ لأنه بيَّن أنه قصد بما قسم الاستصلاح.
  وتدل أنه لا يفعل المفسدة، وما يدعو إلى الكفر، فإذا لم يفعل ما يؤدي إلى الكفر، دلّ على أنه لا يفعل الكفر ولا يريده.
  وتدل على أن ثواب الآخرة معد للمتقين دون الفاسقين، فيبطل قول المرجئة.
  ومتى قيل: إذا قلتم: إنه لا يفعل ما عنده يَكْفُرُ لأنه مفسدة، أوَليس قد أعطى القدرة والآلة التي عندها يكفرون؟
  قلنا: ذاك تمكين، به يتمكن من الإيمان أيضًا، وليس بمفسدة.
  ومتى قيل: فهلا فعل اللطف ليؤمنوا؟
  قلنا: لأنه لا لُطْفَ لهم.
  ومتى قيل: أليس هو تعالى قادر على كل شيء، فكيف لا يلطف؟
  قلنا: بلى، ولكن هذا الكافر لا لطف له، ولو كان له لطف في المعلوم لفعل.