قوله تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين 36 وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون 37 حتى إذا جاءنا قال ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين 38 ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون 39 أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين 40}
  ضعف بصره، وأظلمت عينه، ونظر نظرًا ضعيفًا، كأن عليها غشاوة، فإذا ذهب بصره، قيل: عَشِيَ يَعْشَي عَشًا مثل عَمِيَ يَعْمَي عمًا، قال الحطيئة:
  مَتَى تَأْتِهِ تَعْشُو إِلَى ضَوْءِ نَارِهِ ... تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عِنْدَهَا خَيْرُ مُوقِدِ
  قال أبو الهيثم: يقال: عشى إلى النار: قصد، وعشى عنها: أعرض، ونظيره: مال عنه، ومال إليه، وأنكر القتبي عشوت عن الشيء: أعرضت، قال: وإنما الصواب تعاشيت، والصحيح الأول؛ لإجماع أهل اللغة والتفسير.
  والقيض: المِثْلُ، وهما قيضان، أي: كل واحد منهما عوض عن الآخر، ومنه: المقايضة في البيع، وقيض الله الشيء: أتاحه وسَبّبهُ، يقال: هذا قَيْضٌ لهذا، وقِيَاضٌ أي: مُسَاوٍ، وقوله تعالى: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} منه، كأنه جعل الشيطان له عوضًا مما تركه من ذكر الله.
  · المعنى: لما تقدم ما أعد للمتقين وعدًا لهم، عقبه بذكر الوعيد والعقاب، فقال - سبحانه -: «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ» يعرض، عن قتادة، والسدي. وقيل: يَعْمَ، عن ابن زيد، وأبي علي، قال أبو علي: هذا تَوَسُّعٌ، شبههم بالأعمى لما لم يبصروا الحق، وقيل: العشو السير في الظلمة، فلما كان الذاهب عن ذكر الله يتردد في الضلالة خرج الكلام في ذهابه على السائر في الظلمة عن ذكر الله تعالى، عن أبي مسلم. واختلفوا في الذِّكْرِ، قيل: الآيات والأدلة، وقيل: القرآن «نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ» قيل: من أعرض عن ذكر الله تعالى يخلى بينه وبين الشيطان،