قوله تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين 36 وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون 37 حتى إذا جاءنا قال ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين 38 ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون 39 أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين 40}
  أوجه، والمعنى: ليت كان بيني وبينك من البُعْدِ ما بين المشرق والمغرب، وهي كلمة دالة على الندم والحسرة، وقيل: جاءانا في سلسلة واحدة، عن ابن عباس. «فَبِئْسَ الْقَرِينُ» قيل: في الدنيا حيث أضللتني، وقيل: في النار، وقيل: فيهما «وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمتُمْ» عصيتم ربكم «أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ» قيل: إن اشتراككم في العذاب لا يوجب التسلي، ولا ينفع كما كان في الدنيا؛ لأنه يرى بنفسه ما يرى من شدة العذاب، ولكل واحد نصيب وافر، وهذا محكي عن شيخنا أبي الهذيل، وهو قول أبي علي، وقيل: لن ينفعكم كون قرنائكم معكم في العذاب؛ إذ لا يَنْقُصُ لكونهم في النار من عذابكم شيء، عن أبي مسلم. وقيل: لا ينفعكم الاعتذار؛ لأنكم وقرناءكم مشتركون في العذاب اليوم كما كنتم مشتركين في الكفر في الدنيا «أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ» يعني من لا يبصر الحق بمنزلة الأعمى والأصم، فكما يتعذر إدراك الأعمى واستماع الأصم، كذلك يتعذر عليك هدى هَؤُلَاءِ؛ لأنهم لا يتفكرون، ولا ينظرون، ولا يسمعون، ويتعامى ويتصامم عن الحق فيبعد عن الاهتداء «وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» بَيِّنٍ ظاهرٍ أنه لا يهتدي، ولا يقبل.
  · الأحكام: الآية تدل على أن العصاة يقرن بهم الشيطان، وقد بَيَّنَّا ما قيل فيه، وروي عن النبي ÷: «اللهم إني أعوذ بك من مقارنة الشيطان».
  ويدل قوله: «ويحسبون» أن المعارف مكتسبة.