التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون 41 أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون 42 فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم 43 وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون 44 واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون 45}

صفحة 6309 - الجزء 9

  والانتقام: المعاقبة على شيء تقدم منه وكرهه، وأصله من النقمة، وهو العقاب، ونقمت الأمر: أنكرته.

  والاقتدار: القدرة على الشيء، غير أن في الاقتدار مبالغة، اقتدر اقتدارًا فهو مقتدر، والقدرة: التمكن من فعل الشيء، وهي عرض تحل محلاً فيه حياة يخلقها الله تعالى لا يقدر عليها غيره، والأقدار كلها مختلفة لا متماثل فيها، ولا متضاد، ومقدوراتها محصورة في الجنس، وفي كل وقت واحد في محل واحد من جنس واحد، والله تعالى قادر لذاته، لا تنحصر مقدوراته بوجه، ورجل ذو قدرة ومقدرة، أي: قادر.

  · الإعراب: النون في قوله: «نَذْهَبَنَّ» نون التأكيد.

  {أَوْ نُرِيَنَّكَ} عطف على قوله: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ}، وهو جزم، إلا أن الجزم لا يظهر فيه لأجل النون الثقيلة حركت ما قبلها لسكونها، ولئلا يلتقي ساكنان.

  «آلِهَةً» جمع إله.

  · النزول: عن ابن عباس: كان النبي ÷ يعرض نفسه على القبائل لينصروه، فإذا قالوا لمن الملك بعدك؟ أمسك؛ لأنه لم يُوحَ إليه حتى نزلت هذه الآية: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ} فكان بعد ذلك إذا قيل له: لمن الملك بعدك؟ قال: «لقريش»، فلا يجيبونه، وقبلته الأنصار على ذلك.

  · المعنى: ثم زاد في توبيخهم الوعيد، فقال - سبحانه -: «فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ» بأن نميتك «فَإِنَّا