التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين 195}

صفحة 798 - الجزء 1

  ضربته ثم يكنى عنه، فتقول: فعلت به، والآخر أن تقول: وقعت الضربة منه فجاء على الأفعال المتعدية. والوجه الثاني: أنه لما كان معناه لا تهلكوا أنفسكم بأيديكم دخلت الباء؛ لتدل على هذا المعنى، وهو خلاف أهلك نفسه بيد غيره.

  · النزول: قيل: نزلت في البخل وترك الإنفاق في سبيل اللَّه، عن ابن عباس والحسن وقتادة وعكرمة والأصم. وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: لما أمر الناس بالجهاد والحج كان النبي ÷ «إذا أراد سفرًا نادى به ليأخذ الناس أهبة السفر فلما كان عام الحديبية». وقيل: لما أمرهم بالحج أمرهم بذلك فقام ناس من الأعراب، وقالوا: كيف نجهز وما لنا زاد؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  وقيل: لما أمروا بالإنفاق قال أناس: أمرنا بالنفقة، فإن أنفقنا بقينا فقراء، فنزلت الآية، وقال: لا تخشوا العيلة بالإنفاق فإني رازقكم، عن سعيد بن المسيب ومقاتل، وقيل عن أبي أيوب: فينا معشر الأنصار نزلت لما أعز اللَّه دينه، ونصر رسوله، قلنا: لو رجعنا إلى أهلنا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، فالتهلكة الإقامة في الأهل والمال.

  · المعنى: لما أوجب القتال أمر بالإنفاق فيه، فقال تعالى: «وأَنفِقُوا» يعني من أموالكم «فِي سبيلِ اللَّه» قيل: في الجهاد وطريق الدين الذي شرعه لعباده، وقيل: في جميع أبواب