التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين 195}

صفحة 799 - الجزء 1

  البر، وقيل: في الحج، والأول: الوجه؛ لاتساق الكلام «وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» أي لا تهلكوا أنفسكم بأيديكم، وفيه أقوال: قيل: بترك الإنفاق في سبيل اللَّه فيغلب عليكم العدو، عن ابن عباس وحذيفة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك.

  وقيل: بارتكاب المعاصي، واليأس من المغفرة، عن البراء بن عازب وعبيدة السلماني. وقيل: بالإسراف في الإنفاق الذي يأتي على النفس، عن أبي علي. وقيل: بتقحم الحرب من غير نكاية في العدو، عن أبي هريرة والسفيان وأبي القاسم. وقيل: بترك القتال، عن أبي أيوب وأبي مسلم. وقيل: لا تنفقوا جميع أموالكم فتحتاجوا إلى السؤال، وقيل: في إساءة الظن بِاللَّهِ ø، وأحسنوا الظن به فإنه يحب من أحسن الظن به، عن الفضيل بن عياض «وَأَحْسِنُوا» قيل: في فرائض اللَّه، عن الأصم، وقيل: في الإنفاق على من يلزمكم مؤنته ونفقته، وقيل: أحسنوا إلى أنفسكم، فلا تلقوها في النار بارتكاب الكبائر، وقيل: بالأعمال الحسنة والعبادات، عن أبي علي وأبي مسلم، وقيل: أحسنوا في الإنفاق ولا تسرفوا، ولا تقتروا، عن القاضي، وهو الوجه؛ لاتصاله بما قبله «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» يريد إثابتهم.

  · الأحكام: الآية تدل على وجوب الإنفاق في الدين، وهو ما شرع في دينه كالزكاة والجهاد، ونفقة الأقارب والمحتاجين، ومعونة من يجب معونته، والإنفاق في الحج؛ لأن جميع ذلك إنفاق في سبيل اللَّه.

  وتدل على أن فرض الجهاد قد يكون بالمال، وقد يكون بالنفس، وتدل على تحريم الإقدام على ما يخاف منه على النفس.