التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين 67 ياعباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون 68 الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين 69 ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون 70 يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون 71 وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون 72 لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون 73}

صفحة 6328 - الجزء 9

  النعم «وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ» وهو ما يستحسن من المرئيات، ولا يقال: إنه رؤية الله تعالى؛ لأن الشهوة واللذة لا تتعلق به، تعالى عن ذلك؛ ولأنه ثبت بالدليل أن ذاته غير مرئية «وَأَنْتُمْ فِيهَا» في الجنة «خَالِدُونَ» دائمون لا ينقطع نعيمهم «وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا» أي أعطيتموها، وقيل: وَرَّثَ الله منازل الَّذِينَ لم يؤمنوا الَّذِينَ آمنوا وقبلوا أمره، عن الحسن.

  «بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» أي: جزاء على أعمالكم «لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ» فجمع لهم بين الطعام والشراب والفواكه، وبين دوامه، وذلك غاية الأمنية.

  · الأحكام: تدل الآيات أن المودة في معصية الله تنقلب يوم القيامة عداوة؛ حتى يتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعضًا.

  وتدل أن مودة المتقين باقية في الجنة، ففيه حث على التواد في الطاعة، وزجر عن التواد في المعصية.

  ويدل قوله: {لَا خَوْفٌ} أن المؤمن لا يلحقه يوم القيامة خوف، خلاف ما قاله بعضهم.

  ويدل قوله: {أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ} على تمام السرور؛ لما يجمع بينه وبين زوجته، والصحيح أنه الحور العين؛ لأنه أعم.

  ويدل قوله: {مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} على أن نعيمهم يزيد على حسب شهواتهم.