التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين 81 سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون 82 فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 83 وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم 84 وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون 85}

صفحة 6335 - الجزء 9

  «عَمَّا يَصِفُونَ» به كذبًا عليه «فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا» في باطلهم «وَيَلْعَبُوا» في دنياهم «حَتَّى يُلاَقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ» يعني يوم القيامة، وهذا وعيد لهم، وليس بإباحة.

  ومتى قيل: أي دليل في كونه رب السماوات والأرض على نفي الولد؟

  قلنا: إن خلق الأجسام وإمساكها مع عظمها على غير شيء، والتمييز بين السماوات والأرض لا يصح إلا من القادر للذات، وكل صفة تنافي ذلك لا تجوز عليه، واتخاذ الولد من صفات الجسم ودلالة الحدث.

  «وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ» أي: تعبده الملائكة في السماوات وفي الأرض والمؤمنون.

  ومتى قيل: لِمَ كرر «إله»؟

  قلنا: فيه قولان: تأكيدًا، وقيل: لاختلافهما؛ لأن العبادة في السماء تجب على الملائكة، وفي الأرض على البشر، فأعاد ذكرهما.

  «وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ» الحكيم فيما خلق ودبر، العليم بمصالح العباد يفعل بحسب مصالحهم «وَتَبَارَكَ» أي: الثابت الباقي، لم يزل ولا يزال «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ» أي: علم وقتها، وهو القيامة «وَإلَيهِ تُرْجَعُونَ» أي: إلى حكمه والموضع الذي يختص بالأمر والحكم.

  · الأحكام: تدل الآية على تنزيه الله تعالى عن الولد، وإبطال قول النصَارَى ومشركي العرب.