قوله تعالى: {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين 81 سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون 82 فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 83 وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم 84 وتبارك الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون 85}
  · النزول: قيل: إن النضر بن الحارث قال: الملائكة بنات اللَّه، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقال النضر: قد أثبت الله لنفسه الولد بهذه الآية، فقال عمر ¥: ليس كذلك؛ بل معناه: ما كان للرحمن ولد، فأنا أول العابدين، أي أعبد رَبًّا لا ولد له.
  · المعنى: ثم أمر الله تعالى نبيه يرد عليهم في إثبات الولد، فقال - سبحانه -: «قُلْ» يا محمد «إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ» فيه قولان:
  أولهما: من الآنفين، ثم اختلفوا، فقيل: أنا أول الآنفين من اتخاذ رب له ولد، وقيل: أنا أول الآنفين من عبادة الرحمن إن كان له ولد؛ لاستحالة أن يكون له ولد، وقيل: أول الآنفين من هذا القول المنكرين له، عن أبي علي.
  وثانيهما: أنه من العبادة أي: من العابدين. ثم اختلفوا، فقيل: إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين لله تعالى، الموحدين له المنكرين لقولكم، عن مجاهد، وقيل: إن كان للرحمن ولد فأنا أول الشاهدين له بذلك، العابدين له المقرين له، عن ابن عباس، وقتادة، وابن زيد، فعلى هذا «إِنْ» بمعنى «ما»، وهو للنفي، وقوله: «فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ» ابتداء كلام، وقيل: لو كان له ولد لكنت أول من يعبده؛ لأن له ولدًا، ولكن [لا ولد] له، عن السدي، وأبي مسلم، وهذا كما يقال: لو ثبت إله غيره لعبدته، ولكن لا إله غيره، فهذا تحقيق لنفي الولد، وتبعيد له، كقوله: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}[الأعراف: ٤٠].
  ثم نزه نفسه، فقال - سبحانه -: «سُبْحَانَ» أي: براءة له وتنزيهًا عما يقوله المشركون مما لا يليق به «رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ» أي: خالق هذه الأشياء ومالكها