التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون 86 ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون 87 وقيله يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون 88 فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون 89}

صفحة 6338 - الجزء 9

  {وَقُلْ سَلَامٌ} أي: هو سلام.

  · المعنى: ثم رد عليهم إثبات الشفاعة للأوثان، فقال - سبحانه -: «وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ» قيل: لا تملك الأوثان الشفاعة لكن من شهد بالحق يملكه، وهو عيسى وعزير والملائكة، عن قتادة، وقيل: لا يملك أحد ممن عُبِدَ من دون الله كالملائكة وعيسى وعزير الشفاعة إلا لمن شهد بالحق ويعلم الحق، عن مجاهد، والمراد بقوله: «وَلاَ يَمْلِكُ» بأنه لا يفعل، وليس له ذلك. «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ» قيل: لئن سألت المشركين من خلقهم؟ اعترفوا بأن الله خلقهم، فكيف صرفوا عن عبادته وهو خالقهم إلى عبادة غيره، فأشار إلى أنهم نقضوا الجملة بالتفصيل، وهكذا حال كل مبطل ومبتدع «وَقِيلِهِ» قيل: معناه وقيل محمد، أي: قوله شاكيًا إلى ربه من قومه «إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ»، وقيل: قيله منكرًا عليهم «إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ» وقيل: قيله، يعني قيل عيسى أي: اذكر. قيل عيسى وشكايته عن قومه أنهم لا يؤمنون، عن أبي علي «فَاصْفَحْ عَنْهُمْ» أي: أعرض عنهم ولا تجازيهم {فَإِنَّمَا عَلَيكَ البَلَاغُ}⁣[آل عمران: ٢٠] وهذا وعيد، عن أبي علي، وأبي مسلم، وقيل: هذا منسوخ بآية السيف «وَقُلْ سَلَامٌ» أي: ما تسلم به من شرهم وأذاهم «فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ» أي: لا يعلمون في الحال ما عليهم من أمرهم، لكن سيعلمون غدًا عاقبة ما هم عليه، وهذا وعيد، وقيل: فسوف يعلمون نصحك لهم وصدقك فيما أخبرتهم به.