قوله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين 195}
  فيدخل فيه جميع ما ذكرنا من الوجوه في الآية.
  تدل من هذا الوجه. على أن أمن الطريق شرط في أداء الحج وفي وجوبه.
  وتدل على أن من خاف على نفسه من الصوم يجب الفطر.
  وتدل على أن وجوب الصلاة قاعدًا إذا خاف على نفسه قائمًا، وعلى وجوب التيمم إذا خاف البرد، واتفقوا في السفر على ذلك، واختلفوا في الحضر.
  وتدل على جواز الهزيمة في الجهاد إذا خاف على النفس.
  وتدل على جواز ترك الأمر بالمعروف إذا خاف؛ لأن كل ذلك إلقاء النفس إلى التهلكة.
  وتدل على جواز المصالحة مع الكفار والبغاة إذا خاف الإمام على نفسه أو على المسلمين كما فعل رسول اللَّه، ÷ عام الحديبية، وكما فعله أمير المؤمنين علي # بصفين، وكما فعل الحسن من مصالحة معاوية.
  ويُقال: أليس الحسين قاتل وحده؟
  قلنا: فعله يحتمل وجهين:
  أحدهما: أنه ظن أنهم لا يقتلونه لمكانه من رسول اللَّه ÷.
  والثاني: غلب على ظنه أنه إن ترك قتالهم يقتلونه صبرًا، فكان القتال مع الجهاد أهون عليه.
  ومتى قيل فلِمَ صالح الحسن معاوية مع كونه إمامًا ومع إنكار جماعة من أصحابه؟
  قلنا: لأنه لما خرج وخالفه أصحابه واستأمن صاحب جيشه عبيد اللَّه بن العباس إلى معاوية، وتشتت الأمر خاف على نفسه وعلى بقية المؤمنين من شيعته، وفي مثل هذه الحالة تجوز المصالحة.